حكم دخول البرلمانات لشيخ محمد ناصر الدين الالباني
رحمه الله
رحمه الله
شبهة؛ دخول البرلمانات بدعوى درء المفاسد | |||
| |||
الكاتب : علي بن خضير الخضير |
يحتج القائلون بجواز الدخول إلى البرلمانات؛ بقاعدة درء أعلى المفسدتين، وهي تحكم العلمانيين وامرارهم القوانين المفسدة - كتحليل الخمر وغيره - فما رأيكم حفظكم الله؟
* * *
أعلى المفاسد؛ هو الشرك والكفر، فإذا دخلوا البرلمان وشرعوا معهم، فقد وقعوا في أعلى المفاسد، {فماذا بعد الحق إلا الضلال}.
ثم تحكيم العلمانيين لا يدرأ بمثل البرلمانات، وما رأينا دولة إسلامية أقيمت من خلال البرلمانات، بل لما وصلوا إلى الحكم أُبعدوا عنه - كما حصل في تركيا - فخسروا دينهم، ولم يدرءوا أعلى المفسدتين.
[سؤال طرح على الشيخ ضمن لقاء منتدى السلفيين]
==============================
حكم البرلمانات والبرلمانيين | |||
| |||
الكاتب : علي بن خضير الخضير |
ما حكم البرلمانات؟ وحكم الذين دخلوا فيها؟ وهل هناك تفصيل؟
* * *
الجواب:
حكم البرلمانات لا تجوز وهي أماكن شرك وكفر، وعندنا أنها طاغوت لأنها أماكن للتشريع وسن القوانين والحكم بغير ما أنزل الله، فإن أصل البرلمانات والديمقراطية هي حكم الشعب للشعب وأن الشعب هو الذي يشرع عن طريق نوابه الذين يسمون بالبرلمانيين، وهذا ضد إفراد الله بالحكم والتشريع والأمر والنهي، قال تعالى: {إن الحكم إلا لله}، وليس للشعب، وقال تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون}، وقال تعالى: {ولا يشرك في حكمه أحدا}، لا لبرلمان ولا لشعب ولا لأحد. أما قول من يقول أن أصل الديمقراطية والبرلمانات قائمة على الشورى فهذا إما كذب وتلبيس أو جهل وضلال، فليست قائمة على الشورى الشرعية، إنما على التشريع، فهم يتشاورون فيما بينهم ليس في الأمور الجائزة بل يتشاورون لكي يشرعوا حكما يخالف الشريعة، وهذا هو الواقع فيهم. أما حكم الذين دخلوا فيها، ففيه تفصيل: 1) إن دخل فيها لكن شرع قانونا يخالف الشريعة أو وافق ورضي عن قانون يخالف الشريعة أو صوت له؛ فهذا مشرك كافر، ولا يعذر بالجهل أو التأويل أو المصلحة، قال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}، وقال تعالى: {إن الحكم إلا لله}، وقال تعالى: {ولا يشرك في حكمه أحدا}. 2) إن دخل فأقسم على احترام الدستور الكفري عالما بما في الدستور من مخالفة للشرع؛ فهذا كفر وردة - سواء أكان جادا أم غير ذلك، مستصلحا أم غيره - فقد فعل الكفر مختارا عالما عامدا، ومثله مثل من أقسم على احترام اللات والعزى أو أقسم على احترام قوانين قريش زمن الرسول صلى الله عليه وسلم. 3) أن لا يقسم على احترام الدستور، ولا يشرع ولا يشارك في تشريع يخالف الشريعة بل يرفض ذلك ويصوت ضده فهذا مخطئ ضال ومخالف لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم في التغيير والإصلاح وإقامة الدولة الإسلامية، لكنه ليس بكافر إذا اتخذ طريق الضلال والشرك طريقا للدعوة والتغيير والإصلاح، قال تعالى: {فماذا بعد الحق إلا الضلال}. وقد بحثنا هذه المسألة في كتابنا "الجمع والتجريد في شرح كتاب التوحيد"، في باب؛ الدعاء إلى التوحيد، وهي مسألة حكم دخول البرلمانات. وسوف ننقلها هنا لأهمية ذلك: وفيه قضية معاصرة وهي الدخول في البرلمانات الشركية من أجل الدعوة إلي الله ومن أجل مصلحة الدعوة، ومثله الدخول مع الحكومات الشركية لهذا الغرض والتحالف مع العلمانيين أو التطلع إلى مكاسب سياسية، والشاهد لهذه القاعدة قوله: {وسبحان الله وما أنا من المشركين}، أي؛ يدعو إلى الله منزها الله أن يدعو إليه بشرك أو بكفر. " وهذه فيها قضية معاصرة كبيرة وهي ما يسمى باستغلال أي وسيلة من أجل مصلحة الدعوة وأصحاب هذه الطريقة دخلوا من أجل ذلك في المجالس الشركية من برلمان وغيره من المسميات الجاهلية. ومما يدل على خطورة من ارتكب شيئا من الشركيات أو الكفريات أو المعاصي من أجل مصلحة الدعوة الأمور التالية: قوله تعالى: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين}، وهذا يشمل حتى مساومتهم في المكاسب السياسية، بل الآية في سياق الصدع بالحق حتى لو عرضوا عليك مكاسب تخالف الشرع. وقال تعالى: {اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين}، ولفظ الإعراض عام. قال تعالى: {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}، وجه الدلالة أنه أمر بقول الحق ولو ترتب عليه الأمر الآخر. وقال تعالى: {والفتنة أكبر من القتل}، وقال تعالى: {والفتنة أشد من القتل}. قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (قال أبو العالية ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس: الشرك أشد من القتل). قال الشيخ ابن سحمان: (الفتنة هي الكفر، فلو اقتتلت البادية والحاضرة حتى يذهبوا لكان أهون من أن ينصبوا في الأرض طاغوتا يحكم بخلاف شريعة الإسلام). قال الشيخ ابن عتيق - ردا على من قاس الاضطرار على الإكراه في الكفر -: (قال تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}، فشرط بعد حصول الضرر أن لا يكون المتناول باغيا ولا عاديا، والفرق بين الحالتين لا يخفى). وقال: (وهل في إباحة الميتة للمضطر ما يدل على جواز الردة اختيارا؟ وهل هذا إلا كقياس تزوج الأخت والبنت بإباحة تزوج الحر المملوك عند خوف العنت وعدم الطول فقد زاد هذا المشبه على قياس الذين قالوا {إنما البيع مثل الربا}) [راجع كتاب هداية الطريق: ص 151]. ونحن نقول: وهل في إباحة الميتة للمضطر ما يدل على جواز الدخول في المجالس الشركية اختيارا وتولى العلمانيين والحكومات الطاغوتية بحجة مصلحة الدعوة؟! {قل أأنتم أعلم أم الله}. قال تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}، فلم يجز إلا حالة الإكراه، فأين الدليل على جواز قول الكفر أو المعصية أو فعله في غير إكراه كمصلحة الدعوة؟ أن هذا الطريق بدعة وضلال ويخالف إجماع السلف - كما سوف يأتي أن شاء الله في كلام العالم الرباني ابن تيمية رحمه الله - قال الألباني رحمه الله: (هذه القصة أخرجها ابن إسحاق في المغازي: 1/185 من سيرة ابن هشام بسند حسن عن محمد بن كعب القرظي مرسلا ووصله عبد بن حميد وأبو يعلى والبغوي من طريق أخرى من حديث جابر رضي الله عنه كما في تفسير ابن كثير: 4/91 - 90 وسنده حسن إن شاء الله، وصححها غيره من علماء السيرة المعاصرين). ولو عرض هذا العرض على من يرون الدخول في البرلمانات الشركية، لسارعوا يهرولون حيث الملك والسلطان والحكومة لهم مع التنازل عن قضية التوحيد والكفر بالطاغوت، وما يتبعها من ولاء وبراء. ولو طلبت الحكومات الشركية من بعض الإسلاميين طرد المجاهدين أو الدعاة أو فصلهم مقابل مكاسب سياسة؛ لسارعوا لذلك، مع أنه منهي عنه؛ {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه... الآية}، فهم طلبوا مجلسا أو اجتماعا دوري من الرسول صلى الله عليه وسلم مقابل طرد نفر من أهل التوحيد مع أن عقد اجتماعات مع أهل الشرك فيه مصلحة لكن كان بثمن محرم وهذا الكلام الذي قلنا ينطبق أيضا على قصة ابن أم مكتوم التي بعدها. قال الشيخ محمد [في تاريخ نجد: ص 554، في تفسير آية: {واصبر نفسك... الآية}، في سورة الكهف] قال: (فيه النهي عن طلوع العين عنهم إرادة لمجالسة الأجلاء). وقال أيضا [في تفسير سورة الأنعام في آية: {ولا تطرد}] قال: (فيه أن طردهم يخاف أن يوصل الرجل الصالح إلى درجة الظالمين ففيه التحذير من إيذاء الصالحين وقال أن منعهم من الجلوس مع العظماء في مجلس العلم هو الطرد المذكور). فأجاب: (إن ما يهدي الله به الضالين ويرشد به الغاوين ويتوب به على العاصيين لابد أن يكون فيما بعث الله به الرسول صلى الله عليه وسلم، والشيخ المذكور قصد أن يتوب المجتمعين عن الكبائر فلم يمكنه ذلك إلا بما ذكره من الطريق البدعي يدل على أن الشيخ جاهل بالطرق الشرعية التي بها تتوب العصاة أو عاجز عنها،فإن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين كانوا يدعون من هو شر من هؤلاء من أهل الكفر والفسوق والعصيان بالطرق الشرعية التي أغناهم الله بها عن الطرق البدعية وقد علم بالاضطرار والنقل المتواتر أنه قد تاب من الكفر والفسوق والعصيان من لا يحصيه إلا الله تعالى من الأمم بالطرق الشرعية التي ليس فيها ذكر من الاجتماع البدعي، وقال إنه لا يجوز لهذا الشيخ أن يجعل الأمور التي هي إما محرمة؟ أو مكروهة؟ أو مباحة؟ قربة وطاعة وقال إن فاعل هذا ضال مفتر باتفاق علماء المسلمين مخالف لإجماع المسلمين) - أي الذي يجعل هذا العمل طريقا إلى الدعوة إلى الله ودينا - باختصار. فإذا كان هذا في السماع الذي هو من باب البدع أو المحرمات فما بالك بالشرك والكفر يفعل ويجعل طريقا إلى الدعوة وإقامة حكم الله؟ مما يدل على المنع قاعدة التفريق بين الإكراه والضرورة،فالضرورة أجاز الله فيها فعل المحرم غير المتعدي كأكل الميتة والخنزير وشرب الخمر لدفع غصة ونحوها لكن لم يبح الكفر والشرك من أجل الضرورة، بل لا يبيح الشرك والكفر إلا الإكراه {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}، ولم يقل إلا من اضطر،وهذا الكلام مجمع عليه وهو التفريق بينهما. ما يترتب على هذا الأمر من مفاسد؛ مثل إضفاء الشرعية على هذه المجالس وإعطائها صبغة مقبولة. وننقل أيضا كلمات ودرر للإمام ابن تيمية رحمه الله عن هذا الموضوع زيادة على ما قاله سابقا، فقال [في الفتاوى: 14/476]: (إن الشرك والقول على الله بغير علم والفواحش ما ظهر منها وما بطن والظلم لا يكون فيها شيء من المصلحة)، وقال: (إن إخلاص الدين لله والعدل واجب مطلقا في كل حال وفي كل شرع). وقال [في الفتاوى: 14/477]: (وما هو محرم على كل أحد في كل حال لا يباح منه شيء وهو الفواحش والظلم والشرك والقول على الله بلا علم). وقال [في الفتاوى: 14/470 - 471]: (إن المحرمات منها ما يقطع بأن الشرع لم يبح منه شيئا لا لضرورة ولا غير ضرورة كالشرك والفواحش والقول على الله بغير علم والظلم المحض، وهي الأربعة المذكورة في قوله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، فهذه الأشياء محرمة في جميع الشرائع وبتحريمها بعث الله جميع الرسل ولم يبح منها شيئا قط ولا في حال من الأحوال ولهذا أنزلت في هذه السورة المكية). وقال [في الفتاوى: 14/474]: (أما الإنسان في نفسه فلا يحل له أن يفعل الذي يعلم أنه محرم لظنه أنه يعينه على طاعة الله). وقال أيضا [في الفتاوى: 14/468 وما بعدها] فيمن ظن أنه لا يمكن السلوك إلى الله تعالى إلا ببدعة - فكيف بشرك وكفر؟! - قال: (وكذا أهل الفجور والمترفين يظن أحدهم أنه لا يمكن فعل الواجبات إلا بما يفعله من الذنوب ولا يمكنه ترك المحرمات إلا بذلك وهذا يقع لبشر كثير من الناس ومنهم من يقول لا يمكن أداء الصلوات واجتناب الكلام المحرم من الغيبة وغيرها إلا بأكل الحشيشة، ومنهم من يظن أن محبته لله ورغبته في العبادة لا يتم إلا بسماع القصائد وسماع أصوات النغمات وبها تتحرك دواعي الزهد والعبادة ما لا يتحرك بدون ذلك، ومنهم بعض الشيوخ الذين يدعون الناس إلى طريقهم بالسماع المبتدع كالدف والرقص ونحوه، ومنهم من يفعله بأذكار واجتماع وتسبيحات وقيام وإنشاد أشعار وغير ذلك ويقولون توبناهم بذلك، وأحيانا يقولون لا يمكننا إلا ذلك وإن لم نفعل هذا القليل المحرم حصل الوقوع فيما هو أشد منه تحريما وفي ترك الواجبات ما يزيد أثمه على إثم هذا المحرم القليل في جنب ما كانوا فيه من المحرم الكثير، ويقولون إن الإنسان يجد في نفسه نشاطا وقوة في كثير من الطاعات إذا حصل له ما يحبه وإن كان مكرها حراما)، ثم أجاب عن هذه الشبة بمقامين، وانتهى إلى المنع من ذلك. نقل الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن الشيخ ابن تيمية قوله: (وجمهور هؤلاء المشركين بالقبور يجدون عند عبادة القبور من الرقة والخشوع والدعاء وحضور القلب ما لا يجده أحدهم في مساجد الله) [تاريخ نجد: ص 57]. فهل يقال بجواز ذلك لأن فيه مصلحة رقة قلوب الناس وخشوعهم؟ سبحانك هذا بهتان عظيم. وقال الحفيد سليمان في "التيسير" [ص: 503]: (في الآية دليل على وجوب اطراح الرأي مع السنة وإن ادعى صاحبه أنه مصلح وأن دعوى الإصلاح ليس بعذر في ترك ما أنزل الله) اهـ. فإذا كان الشرك قبيحا ومسبة لله فكيف يكون طريقا إلى الله وإلى الدعوة إليه، {فماذا بعد الحق إلا الضلال}، وهذه فيها قاعدة من قواعد الدعوة تدل على أن الشرك ليس من وسائل الدعوة إلى الله، والشاهد لهذه القاعدة، قوله: {وسبحان الله وما أنا من المشركين} أي؛ يدعو إلى الله منزها الله أن يدعو إليه بشرك أو بكفر ".
اهـ النقل بنصه.
تمت
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق