الخميس، 4 أكتوبر 2012

غاية المجهود في نصيحة الشرط والجنود

بسم الله الرحمن الرحيم
إن كثيرا من الأجناد والشرط لا يسلّمون أن هؤلاء الحكام "مرتدون"، ولكنهم في الوقت ذاته لا يستطيعون أن ينكروا أنهم "ظالمون"!
وإن سألت أحدهم :هل هؤلاء الحكام يحكمون بما أنزل الله؟ لن يجرؤ أن يجيب بالإيجاب.. بل الكل يعلم أنهم يحكمون بغير ما أنزل الله؛ ولا ينكر المحسوس إلا الممسوس!

وقد قال تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}، فسواء قلتم: ظلم دون ظلم.. أو لا، يبقى وصف الظلم ملازما لهم .
وإن سألت أحدهم: هل هؤلاء الحكام يوالون الكفار؟ لن يجرؤ أن يجيب بالسلب.. بل الكل يعلم أنهم يوالون الكفار، في كل الأمصار؛ ولا ينكر المحسوس إلا الممسوس!

وقد قال الله تعالى: {ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}، فسواء قلتم: ظلم دون ظلم.. أو لا، يبقى وصف الظلم ملازما لهم .

وإننا لو تنازلنا –جدلاً- وقلنا بظلم الحكام دون كفرهم وردتهم! فهل يجوز الركون إلى الظلمة؟! وإعانتهم؟! والإنخراط في جيوشهم وشرطتهم؟!
قال الله تعالى عن موسى عليه السلام: {قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين }قال الإمام ابن كثير رحمه الله: " أي بما جعلت لي من الجاه والعز والنعمة {فلن أكون ظهيراً} أي معيناً {للمجرمين}.. "اهـ.

وقال الله تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون }. و "الركون هو الميل اليسير "اهـ، قال ابن عمر –رضي الله عنهما-: " الجلاوزة والشرط كلاب النار يوم القيامة "[الكبائر للذهبي ص112]، وقال الإمام سفيان الثوري –رحمه الله-: "من لاق لهم دواة أو برى لهم، أو ناولهم قرطاسا؛ فقد دخل في ذلك.. "اهـ، بل أعظم من ذلك! قال الإمام سعيد بن المسيب –رحمه الله-: " لا تملئوا أعينكم من أعوان الظلمة "اهـ[حلية الأولياء 2/170].

وقال الله تعالى: {وفرعون ذي الأوتاد}قال ترجمان القران ابن عباس –رضي الله عنهما-: "الأوتاد الجنود"اهـ. فالجنود هم أوتاد الدول، فإن كانت الدولة لا تحكم بما أنزل الله، فإن جنودها وشرطها هم من يثبت تحكيمها وتحاكمها لغير الشريعة، ويرسخ فعل كل ظالم وصنيعه!.

وأخرج ابن حبان وأبو يعلى والطبراني في المعجم الصغير وغيرهم، وكذا الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، واللفظ للخطيب(10/284،12/63) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة، ووزراء فسقة وقضاة خونة، وفقهاء كذبة، فمن أدركهم فلا يكونن لهم عريفا ولا جابياً ولا خازنا ولا شرطياً)[وهو حديث صحيح بطرقه].

وفي رواية: (ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها فمن أدرك ذلك منكم فلا يكونن عريفا ولا شرطيا ولا جابيا ولا خازنا)[صححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 360].

وأخرج عبد الرزاق في مصنفه (2/383) عن ابن مسعود –رضي الله عنه-: "كيف أنت يامهدي إذا ظهر بخياركم واستعمل عليكم أحداثكم وصليتم الصلاة لغير وقتها؟ "قال: قلت: لا أدري، قال: لا تكن جابيا ولا شرطيا ولا بريدا وصل الصلاة لوقتها".

وذكر عليه الصلاة والسلام أنه في آخر الزمان: ( شرطة يغدون في سخط الله ويروحون في لعنته ).رواه أحمد والطبراني وغيرهما وفي رواية: ( فإياك أن تكوون من بطانتهم ).

وقد حذر نبينا صلى الله عليه وسلم أمته فقال: ( بادروا بالأعمال ستاً؛ إمارة السفهاء وكثرة الشرط وبيع الحُكم..) الحديث.. وعدّ أمورا. رواه أحمد والطبراني وغيرهما عن عابس الغفاري –رضي الله عنه- وفي رواية (بادروا بالموت) بدل (بادروا بالأعمال)؛ وعابس كان يرى أن هذه الستة قد حدثت في زمانه.. لأجل ذلك تمنّى الموت فأُنكِرَ عليه ذلك، فحدّث بهذا الحديث كما في أصل هذه الرواية. قال الإمام النووي:"الشرط أعوان الولاة" وبكثرتهم بأبواب الولاة يكثر الظلم، وراجع فتح القدير(3/194).

وقال صلى الله عليه وسلم: ( يليكم عمّال من بعدي؛ يقولون ما يعلمون ويعملون بما يعرفون، وطاعة أولئك طاعة، فتلبثون كذلك دهراً، ثم يليكم عمّال من بعدي يقولون ما لا يعملون، ويعملون ما لا يعرفون، فمن ناصحهم، ووازرهم، وشد على أعضادهم، فأولئك هلكوا وأهلكوا، خالطوهم بأجسادكم، وزاولوهم بأعمالكم، واشهدوا على المحسن بأنه محسن، وعلى المسيء بأنه مسيء)[رواه الطبراني، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة4570].

وقال أيضاً: (اسمعوا، هل سمعتم أنه سيكون بعدي أمراء؛ فمن دخل عليهم، فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منه، وليس بوارد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم، ولم يعنهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم، فهو مني وأنا منه وهو وارد علي الحوض)[أخرجه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي].

وقال أيضاً: (سيكون أمراء تعرفون وتنكرون، فمن نابذهم نجا، ومن اعتزلهم سلم، ومن خالطهم هلك)[رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع3661].

وقال أيضاً: (سيكون بعدي أمراء يكذبون ويظلمون؛ فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولم يرد علي الحوض)[أخرجه أحمد]. وقد سئل الإمام أحمد –رحمه الله-، سأله السجّان عندما كان في السجن، قال: يا أبا عبد الله، الحديث الذي روى عن الظلمة وأعوانهم صحيح؟ فأجاب الإمام أحمد:"نعم". قال السجان: فأنا من أعوان الظلمة؟ قال الإمام أحمد:" أعوان الظلمة من يأخذ شعرك، ويغسل ثوبك، ويصلح طعامك، ويبيع ويشتري منك، فأما أنت فمن أنفسهم".اهـ[ذكرها ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد ص397].

وعن داود عن أبيه قال:" كنت مع سفيان الثوري، فمررنا بشرطي نائم، وقد حان وقت الصلاة، فذهبت أحركه، فصاح سفيان: مه؟ فقلت: يا أبا عبد الله، يصلي. فقال: دعه، لا صلى الله عليه، فما استراح الناس حتى نام هذا"اهـ[حلية الأولياء7/41].

وعن معاذ بن جبل –رضي الله عنه- قال: سمعت سول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا إن رحى الإسلام دائرة، فدوروا مع الكتاب حيث دار،ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب، ألا إنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم فإذا عصيتموهم قتلوكم، وإن أطعتموهم أضلوكم، قالوا يا رسول الله: كيف نصنع؟ فقال: كما صنع أصحاب عيسى بن مريم، نُشروا بالمناشير وحملوا على الخشب، موت في طاعة الله خيرٌ من حياة في معصة الله)[رواه الطبراني]. والكل يعلم أن هؤلاء الحكام قد فارقوا الكتاب ووافقوا قوانين أهل الكتاب!

" وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات..الحديث).

وإذا كان أولئك الشرط في القرون الخالية يضربون الناس بتلك السياط علانية.. فإن عبيد الياسق وشرطتهم أشد خبثا، فهم يجتنبون أمثال ذلك أمام الناس ويكتبون بالخط العريض(الشرطة في خدمة الشعب) والصواب أنهم في خدمة الطاغوت، ويوقعونفي ظلمات الزنازين بأعداء ياسقهم وبعيداً عن أعين الناس ألواناً من العذاب والنكال بالسياط وغيرها مما يتفننون فيه ولم يكن يعرفه أصحاب تلك السياط القديمة..أعاذنا الله وإخواننا المسلمين من سبيلهم وطريقهم وأعمالهم..

فإياك أن تكون من جند ياسق إبليس الذين يقول الله تعالى في أمثالهم:{فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون}، والذين يقول فيهم سبحانه:{جندٌ ما هنالك مهزومون من الأحزاب}.

ولكن احرص أن تكون من جند التوحيد وعساكر الإيمان الذين قال تعالى عنهم:{وإن جندنا لهم الغالبون} " اهـ [كشف النقاب عن شريعة الغاب ص148].


***************
قال رئيس شرطة المعتصم عن إمام أهل السنة أحمد بن حنبل : "ما نحن في عينه إلا كأمثال الذباب!"


غاية المجهود



في نصيحة الشرط والجنود




للشيخ أبي همام بكر بن عبد العزيز الأثري –حفظه الله-




1431هـ-2010م

(مطوية نشرت في منبر التوحيد والجهاد)
 
 
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق